مساحة بواسطة: محمد عبدالفتاح
    

صحراء في القلب

الوحدة... صحراء في القلب



تتسلل الوحدة إلى النفس كأنها رمال زاحفة تدفن الأحلام والأماني، تحول القلب إلى صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا زرع. هي كالشبح الذي يتربص بنا في لحظات ضعفنا، يهمس في أذننا بكلمات اليأس والإحباط.

في خضم هذا الصمت المدوي، نجد أنفسنا وحيدين في عالم مزدحم، كنجوم ضائعة في ليل مظلم. نبحث عن أيدي نمد إليها، عن قلوب تتفهم آلامنا، ولكننا لا نجد إلا فراغاً هائلاً يزداد اتساعاً مع مرور الوقت. تصبح الذكريات ملاذاً لنا، نعيش فيها لحظات سعادة عابرة، نتذكر الوجوه المبتسمة والأصوات الدافئة، ولكن سرعان ما نستيقظ على واقعنا المرير، وندرك أن تلك اللحظات لم تعد سوى ذكريات باهتة.

تتحول الأشياء من حولنا إلى رموز للوحدة، فالشمس التي كانت تضيء حياتنا تصبح الآن ساطعة بشكل مؤلم، والقمر الذي كان شاهداً على أحلامنا يصبح الآن بارداً وقاسياً. الأماكن التي كانت تزخر بالحياة والأنشطة، تصبح الآن مجرد مساحات فارغة لا تحمل أي معنى.

يشبه الشعور بالوحدة الغرق في محيط واسع، كلما حاولنا السباحة للوصول إلى الشاطئ، وجدنا أنفسنا نبتعد عنه أكثر فأكثر. نشعر بأننا محاصرون في قوقعة من العزلة، لا نستطيع التواصل مع الآخرين، ولا حتى مع أنفسنا.
تتسلل الوحدة إلى أحلامنا، فتتحول إلى كوابيس مزعجة، نرى فيها أنفسنا وحدنا في عالم خالٍ من البشر. تستيقظ قلوبنا على وقع هذه الأحلام، ونشعر بألم عميق يعتصرنا.

ولكن، رغم كل هذا الألم، تبقى في أعماقنا شرارة أمل صغيرة، ندعوها أن تنمو وتتحول إلى نار مشتعلة تدفئ قلوبنا. نبحث عن معنى للحياة، عن هدف نسعى لتحقيقه، لنخرج من هذا الظلام ونستعيد بهجة العيش. قد نجد هذا المعنى في هواية نحبها، أو في علاقة مع حيوان أليف، أو في خدمة الآخرين.
أحدث أقدم