في السابع من أكتوبر عام 2023، استفاق العالم على مشهد ملحمي أثار الجدل وأعاد تسليط الضوء على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. في ذلك اليوم، أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بقيادة حركة حماس عبر جناحها العسكري “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، هجوماً عسكرياً واسع النطاق شمل قصفاً صاروخياً مكثفاً على المستوطنات الإسرائيلية واقتحاماً برياً لغلاف غزة. ولكن، قبل أن نتعمق في تفاصيل هذا الحدث، دعونا نتوقف للحظة ونسأل: ما الغاية الحقيقية من هذا الهجوم؟
قد تكون الإجابة البديهية: تحرير الأرض المحتلة. لكن هل هذا النهج قادر على تحقيق الهدف المنشود؟ كيف يمكن خوض معركة يبدو مآلها الهزيمة أمام قوة عسكرية إسرائيلية مدعومة بآلة الدعم الأمريكي الهائلة؟ أليس من المنطقي أن نطرح تساؤلات حول مصادر تمويل وتسليح المقاومة؟ من يقف خلف هذه الصواريخ التي تُطلق باسم الحرية؟ أياً كانت الإجابة، فإنها لن تُغير حقيقة أن المقاومة الفلسطينية، بمواردها المحدودة، تواجه قوة عالمية يصعب التفوق عليها.
لقد أدى هذا التصعيد إلى كارثة إنسانية كبرى. فمع حلول وقت كتابة هذه السطور (01-08-2024)، وصل عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 39,400، بينما أصيب أكثر من 90,996، معظمهم من النساء والأطفال. تُرى، هل يمكن لهذه الصواريخ “مجهولة المصدر” أن تُحرر الأرض؟ أم أن قادة المقاومة كانوا على علم مسبق بالرد الإسرائيلي القاسي الذي سيُدفع ثمنه من دماء الأبرياء؟
الحرب ليست مجرد امتلاك مجموعة صواريخ، بل هي عملية تتطلب ذكاءً استراتيجياً ودعماً حقيقياً ومستداماً. ومع الأسف، تبدو المقاومة الفلسطينية في مواجهة مفتوحة، بلا ظهير قوي يساندها. الدول العربية، بمعظمها، غارقة في التخاذل، والمجتمع الدولي يميل بشكل واضح لصالح إسرائيل. فكيف يمكن أن تتحقق معادلة الانتصار في ظل هذا الواقع؟
ما يثير الريبة هو التساؤل حول الأجندات الخفية التي تُحرك هذا الصراع. ماذا لو كانت هناك أيادٍ خفية تُسهم في تسليح المقاومة، لا لتحرير الأرض، بل لتوريط الشعب الفلسطيني في مأساة لا نهاية لها؟ هل يمكن أن تكون هذه الأحداث جزءاً من مسرحية دموية تُكتب نهايتها بدماء الأبرياء؟ ومن هو المؤلف الحقيقي لهذا السيناريو القاتم؟
في ختام الحديث، أؤكد دعمي الثابت للقضية الفلسطينية باعتبارها قضيتنا المركزية. لكن هذا الدعم لا يعني تأييد خطوات غير محسوبة تُلقي بالشعب في أتون المعاناة. النضال الحقيقي يتطلب رؤية استراتيجية بعيدة المدى، لا مجرد رشقات صاروخية تُفاقم الأوضاع دون تغيير جذري في ميزان القوى. فقضية كهذه تستحق تخطيطاً أعمق وعقلاً أكثر حكمة، لا مسرحيات دموية تهدر الأرواح بلا طائل.
